"فيلم كليوباترا".. الأفروسنتريزم في مرمى النيران بمصر

قبل ساعات على العرض

"فيلم كليوباترا".. الأفروسنتريزم في مرمى النيران بمصر

بغضب عارم داخل الأوساط الثقافية والأثرية ومنصات التواصل الاجتماعي بمصر، يترقب مشاهدو الشبكة الأمريكية الترفيهية نتفليكس "Netflix" عرض فيلم الملكة كليوباترا.

يأتي ذلك قبل ساعات من عرض الفيلم الوثائقي، الذي طرح باسم "QUEEN CLEOPATRA" الملكة كليوباترا، إنتاج جادا سميث زوجة الممثل الأمريكي العالمي ويل سميث، والذي سيظهر الملكة كليوباترا بمظهر إفريقي، وملامح سيدة سمراء البشرة ومجعدة الشعر.

ومؤخرا نشرت شبكة نتفليكس مقطعا ترويجيا للفيلم، وهو قصة ملحمية بتعليق صوتي من جادا سميث، وكتابة بيريس أوينو ونني إيوجي، ما أثار غضبا عارما بمصر جراء ما سمي بـ"ترويج الأكاذيب وتزييف التاريخ".

وظهرت الملكة كليوباترا في الفيلم الوثائقي امرأة إفريقية ببشرة سمراء وشعر مجعد، فيما ثبت تاريخيا أنها كانت آخر ملوك الأسرة المقدونية (357-308 ق. م).

اتهم رواد منصات التواصل الاجتماعي بمصر، المنصة الأمريكية بتشويه وتزوير التاريخ وتزييف الحضارة الفرعونية المصرية، بظهور الملكة من أصول إفريقية.

والملكة كليوباترا السابعة، هي آخر ملوك الأسرة المقدونية التي حكمت مصر منذ وفاة الإسكندر الأكبر في عام 323 قبل الميلاد، واستمر حكمها لعام 30 قبل الميلاد، عندما احتلت روما مصر.

وقبل وصول كليوباترا إلى الحكم في مصر، كانت الأسرة البطلمية تعيش خفوتا لافتا إذ عجلت الملكة باحتلال الرومان لمصر، حيث كانت تتمتع بفطنة عسكرية واجتماعية كبيرة.

وشهدت مصر في تلك الفترة من حكم كليوباترا نهضة قوية في الاقتصاد والحياة السياسية، وقامت الملكة بزيارة روما ومقابلة قيصر، وشعرت وكأنها أصبحت ملكة على روما ومكثت هناك عامين قبل مقتل يوليوس قيصر.

وتقول مراجع تاريخية، إن نهاية قيصر غير المتوقعة مثلت صدمة عنيفة لكليوباترا التي لملمت أحزانها وعادت إلى مصر، وأعلنت ابنها قيصر أو (قيصرون) شريكًا لها في حكم مصر، بعد أن قتلت أخاها بطليموس الرابع عشر.

أصل الأزمة

وأعاد الوثائقي الجدل الواسع بشأن معتقدات حركة "الأفروسنتريزم"، التي تنشر فكرة أن جميع حضارات العالم كانت تضم ذوي البشرة السوداء قبل تشتتهم وتفرقهم في أنحاء العالم.

ويعتبر كثيرون أن شبكة "نتفليكس" تريد الترسيخ أن الحضارة المصرية سمراء دعماً لأفكار الأفارقة الأمريكيين الذين يتبنون هذه النظرية.

وساهم في دعم هذا الرأي تصريح الشركة بأن فيلم كليوباترا جاء ضمن سلسلة وثائقيات لاستكشاف حياة الملكات الإفريقيات البارزات والمبدعات.

وكانت الأفروسنتريك أو "الحركة المركزية الإفريقية" تأسست على يد الناشط الأمريكي إفريقي الأصل موليفي أسانتي في الثمانينيات من القرن الماضي، بهدف تنمية الوعي حول الثقافة الإفريقية عبر التاريخ، وتسليط الضوء حول تلك الهوية وأهميتها في الولايات المتحدة وأوروبا.

وتسعى الحركة إلى نشر الوعي حول كيفية هيمنة الأوروبيين على حضارة الأفارقة، عبر الاستعمار والعبودية، على سبيل دعم اتجاه التفاخر والتقدير بالانحدار من أصول إفريقية.

غير أن أكثر معتقداتها المثيرة للجدل، هو أن التاريخ والثقافة الإفريقية انطلقت من مصر القديمة، التي شكلت مهد الحضارة العالمية، بالتوازي مع ادعاء أن إرثها سرق وتم حجب منجزاتها وتزويرها من قبل الأوروبيين والغربيين.

وأكد المتخصصون بمصر أن ظهور بطلة الفيلم بهذه الهيئة الإفريقية، يعد تزييفا للتاريخ المصري ومغالطة تاريخية صارخة، خاصة أنه عمل وثائقي وليس دراميا، الأمر الذي يتعين على صناعه تحري الدقة والاستناد إلى الحقائق التاريخية والعلمية.

غضب واسع 

ورغم تواتر المطالب بمنع عرض الفيلم الوثائقي، لكن السلطات المصرية لم تتقدم بطلب إلى نظيرتها الأمريكية بمنع عرض الفيلم، حتى لا تصنف تحت طائلة تقييد حرية الإبداع.

إلا أن وزارة الآثار المصرية قالت في بيان: "يتعين على القائمين على صناعة الفيلم ضرورة تحري الدقة والاستناد إلى الحقائق التاريخية والعلمية، بما يضمن عدم تزييف تاريخ وحضارات الشعوب".

ودعت الوزارة إلى العودة لعلماء الآثار والأنثروبولوجيا عند صناعة مثل هذه النوعية من الأفلام الوثائقية والتاريخية، التي ستظل شاهدة على حضارات وتاريخ الأمم.

وأكدت أن هناك العديد من الآثار الخاصة بالملكة كليوباترا من تماثيل وتصوير على العملات المعدنية التي تؤكد الشكل والملامح الحقيقية لها، والتي جميعها تظهر الملامح الهلينستية (اليونانية) للملكة كليوباترا من حيث البشرة فاتحة اللون والأنف المسحوب والشفاه الرقيقة.

ودشن مغردون على منصات التواصل بمصر، هاشتاغا (وسما) باسم "أوقفوا_عرض_فيلم_كليوباترا"، لاقى تفاعلا واسعا على منصة التغريدات القصيرة "تويتر" وفيسبوك.

تماثيل كليوباترا

ويوجد تمثالان خشبيان صغيران لشخصية دينية تحمل خرطوشة كُتب عليها اسم كليوباترا باللغة الهيروغليفية، الأول يوجد حاليًّا في متحف سياتل للفنون بالولايات المتحدة، هو تمثال مكتمل ملون يبلغ طوله 30 سنتيمترًا في شكل سيدة جالسة ترتدي رداءً مربوطًا أسفل الصدر.

أما التمثال الثاني، الذي كان في السابق ضمن مجموعة ستافورد، فهو أكبر حجمًا ويصل طوله إلى 23 سنتيمترًا ويتكون من رأس وكتفين فقط.

ويتضمن زخارف منحوتة ولا توجد عليه آثار لأية أصباغ على السطح، ويرتدي التمثال ياقة وشعرًا مستعارًا مصففًا وقاعدة تاج في شكل دائرة من رؤوس الكوبرا.

ويوجد على جبهة التمثال رأسان للكوبرا يرتدي أحدهما تاج مصر العليا، والآخر تاج مصر السفلى وفي المنتصف يوجد رأس نسر مصنوع من سبيكة النحاس. 

وتوجد مجموعة من التماثيل الحجرية التي تعبر عن كليوباترا السابعة بصفتها واحدة من الآلهة، وتتميز هذه التماثيل بأنها تحمل ملامح على الطراز الإغريقي.

وترتدي هذه التماثيل أيضًا رداءً من نوع فريد، يتكون من جزأين ويربط إما فوق الصدر أو في منتصفه، وهو طراز معتاد من الملابس المصرية، لكنه يظهر أحيانًا بشكل من الطيات التي يشاع وجودها أكثر في التماثيل المصنوعة على الطراز الإغريقي.
 
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية